هي البدرُ لكن تستسرّ مدى الدهر
هي البدرُ لكن تستسرّ مدى الدهر | وكلُّ سرار البدر يومان في الشهر |
هلاليّة ٌ نيل الأهلة دونها | وكل نفيس القدر ذو مطلب وعر |
ومن دونها سوران سور من النوى | وسورٌ من الأسياف والأسل والسمر |
طوى طيفها في النوم نحوي مفاوزاً | من الأرض تنضي راكب البر والبحر |
فيا ليلة ً كانت لهُ بسوادها | وبهجتها كالخال في وجنة الدهر |
لها سيفُ جفنٍ لا يزال جفنه | ولم أرَ سيفاً قطُّ في غمده يفري |
عيونُ هلال في القلوب ولحظها | أحدُّ وأمضى من سيوفهم البتر |
ويقصر ليلي أن المت لأنها | صباح وهل لليل بقيا مع الفجر |
أقول لها والعيس تحدجُ للنوى | أعدي لبيني ما استطعت من الصبر |
وقد كانت الأجفانُ للجزع معدناً | فصارت لفيض الدمع من صدف البحر |
سأنفق ريعان الشبيبة آنفاً | على طلب العلياء أو طلب الأجر |
أليس من الخسران أن ليالياً | تمرّ بلا نفعٍ وتحسب من عمري |
تبدّل وجهُ الأرض من كلّ وجهة | ليأخذ بالتعبيس من رونق البشر |
وقد كان نجماً واضحاً كمحمّد | ومثل علاه أو خلائقه الغرّ |
تميّزه عن كلِّ شبهٍ فضائلٌ | شهرن لهُ في الأرض كالواو في عمرو |
ويعرف قبل الخير بالبشر فضلهُ | كما يعرف الصمصامة ُ العضب بالأثر |
فلا تعجبن أن يلفظ الدرَّ قائلاً | فلم يخلُ بحرٌ زاخر قطُّ من درّ |
إذا جلب الأقلام نحو يمينه | فقد جلبت من شطِّ بحر إلى بحر |
تذكِّرُ أعواد المنابر جدّه | وآباءه والأمر يذكر بالأمر |
فلو أنّ أعواد المنابر أنصفت | لما نصبت يوماً لغير بني الطّهر |
تبيّن في الطفل النجابة ُ منهم | كما يستبين العتق والسبق في المهر |
رأيت العلى تحتاج أصلاً وبينة | وهل يطبع الدينار إلا من التبر |
ونيط به أمر المظالم إنما | ينوط أخو الحزم الحمائل للصدر |
فأضحى ظلامُ الليل نوراً بعدله | وهل لظلام الليل نفع مع الفجر |
وزين أقطار البلاد بحكمه | وأحكامهُ في الأرض كالظلم في الثغر |
وإني وإذكاريك أمري كقائل | لهذي النجوم وهي تسري ألا فاسري |
رعاك الذي استرعاك أمر عباده | وحياك من أحياك للنفع والضرّ |
لهُ قلمٌ يفري رقابَ عداته | وهل مخلبٌ في أصبع الليث لا يفري |
إذا شحب القرطاس من وقعه به | تجلبت وجوه الخطب والخطب الغرِّ |
تجمَّعُ أقسامُ العلى في كتابه | فكان العلى في الكلّ والشطر في الشطر |
ألائمهُ في الجود دعهُ فإنهُ | على كلِّ حال يعدل البخل بالكفر |
أمنتجعَ الغيث انتجع بحرَ كفه | فما الغيث إلا في أنامله العشر |
وما المجد إلا روضة ٌ هو زهرها | وليس يروق الروض إلا مع الزهر |
عجبتُ لهذا الدّست كيف جفافه | وقد ضم بحراً منك ليس بذيجزر |
وقالوا لنا في الدّهر بخلٌ وماسخا | بمثلك إلا أهل ذا الزمن الحرِّ |
ينمّ عليك الفضل في كلّ موطن | حللتَ كما نمَ النسيم على العطر |
فداؤُك حيّ مثل ميتٍ لبخله | يظنّ اقتناء المال خيرا من الذكر |
يموت لئيم القوم من قبل موته | ويقبرُ من قبل الدخول إلى القبر |
فعش عمر مدحي فيك إن مدائحي | من الخالدات الباقيات إلى الحشر |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق