كان قيس بن زهير العبسي قد اشترى من مكة درعًا حسنة، تسمى ذات الفضول، وورد بها إلى قومه، فرآها عمه الربيع بن زياد، وكان سيد بني عبس، فأخذها منه غضبًا، فقالت الجمانة بنت قيس لأبيها: دعني أناظر جدي، فإن صلح الأمر بينكما، وإلا كنت من وراء رأيك؛ فأذن لها، فأتت الربيع فقالت:
"إذا كان قيس أبي، فإنك يا ريبع جدي، وما يجب له من حق الأبوة علي، إلا كالذي يجب عليك من حق البنوة لي، والرأي الصحيح تبعثه العناية، وتجلي عن محضه النصيحة، إنك قد ظلمت قيسًا بأخذ درعه، وأجد مكافأته إياك سوء عزمه، والمعارض منتصر، والبادي أظلم، وليس قيس ممن يخوف بالوعيد، ولا يردعه التهديد، فلا تركنن إلى منابذته؛ فالحزم في متاركته، والحرب متلفة للعباد، ذهابة بالطارف والتلاد، والسلم أرخى للبال، وأبقى لأنفس الرجال، وبحق أقول: لقد صعدت بحكم، وما يدفع قولي إلا غير ذي فهم"، ثم أنشأت تقول:
أبي لا يرى أن يترك الدهر درعه ... وجدي يرى أن يأخذ الدرع من أبي
فرأي أبي رأي البخيل بماله ... وشيمة جدي شيمة الخائف الأبي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق