ألا ليتَ ريعانَ الشبابِ جديدُ |
ودهراً تولى ، يا بثينَ، يعودُ |
فنبقى كما كنّا نكونُ، وأنتمُ |
قريبٌ وإذ ما تَبذُلينَ زهيدُ |
وما أنسَ، مِ الأشياء، لا أنسَ قولها |
وقد قُرّبتْ نُضْوِي: أمصرَ تُريدُ؟ |
ولا قولَها: لولا العُيونُ التي تَرى ، |
لزُرتُكَ، فاعذُرْني، فدَتكَ جُدودُ |
خليلي، ما ألقى من الوجدِ باطنٌ |
ودمعي بما أُخفيَ، الغداة َ، شهيدُ |
ألا قد أرى ، واللهِ أنْ ربّ عبرة ٍ |
إذا الدَّار شطّتْ بيننا، ستَزيد |
إذا قلتُ: ما بي يا بثينة ُ قاتِلي، |
من الحبّ، قالت: ثابتٌ، ويزيدُ |
وإن قلتُ: رديّ بعضَ عقلي أعشْ بهِ |
تولّتْ وقالتْ: ذاكَ منكَ بعيد! |
فلا أنا مردودٌ بما جئتُ طالباً، |
ولا حبها فيما يَبيدُ يَبيدُ |
جزتكَ الجواري، يا بثينَ، سلامة ً |
إذا ما خليلٌ بانَ وهو حميد |
وقلتُ لها، بيني وبينكِ، فاعلمي |
من الله ميثاقٌ له وعُهود |
وقد كان حُبّيكُمْ طريفاً وتالداً، |
وما الحبُّ إلاّ طارفٌ وتليدُ |
وإنّ عَرُوضَ الوصلِ بيني وبينها، |
وإنْ سَهّلَتْهُ بالمُنى ، لَكَؤود |
وأفنيتُ عُمري بانتظاريَ وَعدها، |
وأبليتُ فيها الدهرَ وهو جديد |
فليتَ وشاة َ الناسِ، بيني وبينها |
يدوفُ لهم سُمّاً طِمَاطِمُ سُود |
وليتهمُ، في كلّ مُمسًى وشارقٍ، |
تُضاعَفُ أكبالٌ لهم وقيود |
ويحسَبُ نِسوانٌ من الجهلِ أنّني |
إذا جِئتُ، إياهنَّ كنتُ أريدُ |
فأقسِمُ طرفي بينهنّ فيستَوي |
وفي الصّدْرِ بَوْنٌ بينهنّ بعيدُ |
ألا ليتَ شعري، هلَ أبيتنّ ليلة ً |
بوادي القُرى ؟ إني إذَنْ لَسعيد! |
وهل أهبِطَنْ أرضاً تظَلُّ رياحُها |
لها بالثنايا القاوياتِ وئِيدُ؟ |
وهل ألقينْ سُعدَى من الدهرِ مرة ً |
وما رثّ من حَبلِ الصّفاءِ جديدُ؟ |
وقد تلتقي الأشتاتُ بعدَ تفرقٍ |
وقد تُدرَكُ الحاجاتُ وهي بعِيد |
وهل أزجُرَنْ حرفاً عَلاة ً شِمِلَّة ً |
بخَرقٍ تُبَاريها سَوَاهِمُ قُودُ |
على ظهرِ مرهوبٍ، كأنّ نشوزَهُ، |
إذا جاز هُلاّكُ الطريق، رُقُود |
سبتني بعيني جُؤذرٍ وسطَ ربربٍ |
وصدرٌ كفاثورِ اللجينَ وجيدُ |
تزيفُ كما زافتْ إلى سَلَفاتها |
مُباهِية ٌ، طيَّ الوِشاحِ، مَيود |
إذا جئتُها، يوماً من الدهرِ، زائراً، |
تعرّضَ مَنفُوضُ اليدينِ، صَدُود |
يصُدّ ويُغضي عن هواي، ويجتني |
ذنوباً عليها، إنّه لعَنود! |
فأصرِمُها خَوفاً، كأني مُجانِبٌ، |
ويغفلُ عنا مَرة ً فنعودُ |
ومن يُعطَ في الدنيا قريناً كمِثلِها، |
فذلكَ في عيشِ الحياة ِ رَشيدُ |
يموتُ الْهوى مني إذا ما لَقِيتُها، |
ويَحيا، إذا فارقتها، فيعودُ |
يقولون: جاهِدْ يا جميلُ، بغَزوة ٍ، |
وأيّ جهادٍ، غَيرَهنّ، أريدُ |
لكلّ حديثِ بينهنّ بشاشة ُ |
وكلُّ قتيلٍ عندهنّ شهيدُ |
وأحسنُ أيامي، وأبهجُ عِيشَتي، |
إذا هِيجَ بي يوماً وهُنّ قُعود |
تذكرتُ ليلى ، فالفؤادُ عميدُ، |
وشطتْ نواها، فالمزارُ بعيدُ |
عَلِقتُ الهوى منها وليداً، فلم يزلْ |
إلى اليومِ يَنمِي حبها ويزيدُ |
فما ذُكِرَ الخُلاّنُ إلاّ ذكرتُها، |
ولا البُخلُ إلاّ قلتُ سوف تجود |
إذا فكرتْ قالت: قد أدركتُ ودهُ |
وما ضرّني بُخلي، فكيف أجود! |
فلو تُكشَفُ الأحشاءُ صودِف تحتها، |
لبثنة َ حبٌ طارفٌ وتليدُ |
ألمْ تعلمي يا أمُ ذي الودعِ أنني |
أُضاحكُ ذِكراكُمْ، وأنتِ صَلود؟ |
فهلْ ألقينْ فرداً بثينة َ ليلة ً |
تجودُ لنا من وُدّها ونجود؟ |
ومن كان في حبي بُثينة َ يَمتري، |
فبرقاءُ ذي ضالٍ عليّ شهيدُ |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق