
هاروون الرشيد والمرأة
ودخلت امرأة على هرون الرشيد وعنده جماعة من وجوه أصحابه، فقالت: يا أمير المؤمنين: أقر الله عينك، وفرحك بما آتاك، وأتم سعدك لقد حكمت فقسطت، فقال لها: من تكونين أيتها المرأة. فقالت: من آل برمك ممن قتلت رجالهم، وأخذت أموالهم، وسلبت نوالهم.
فقال: أما الرجال فقد مضى فيهم أمر الله، ونفذ فيهم قدره، وأما المال فمردود إليك، ثم التفت إلى الحاضرين من أصحابه، فقال: أتدرون ما قالت هذه المرأة، فقالوا:
ما نراها قالت إلا خيرا. قال: ما أظنكم فهمتم ذلك، أما قولها أقر الله عينك، أي أسكنها عن الحركة، وإذا سكنت العين عن الحركة عميت، وأما قولها: وفرّحك بما آتاك، فأخذته من قوله تعالى: {حَتَّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً}
وأما قولها: وأتم الله سعدك، فأخذته من قول الشاعر:
إذا تمّ أمر بدا نقصه ... ترقّب زوالا إذا قيل، تم
وأما قولها لقد حكمت فقسطت، فأخذته من قوله تعالى:{ أَمَّا الْقاسِطُونَ فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً }
، فتعجبوا من ذلك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق